يلاقي التقاعد رفضاً ملحوظاً من قبل جيل جديد من الأثرياء العاملين، الذين يرغبون بالاستمرار في العمل طالما أنهم قادرون على ذلك، هذا ما تقوله باركليز ويلث في أحدث تقارير “إنسايتس” الصادرة عنها، بعنوان (وهم التقدم في العمر، كيف يعيد الأثرياء تحديد تقاعدهم) . يظهر هذا التقرير، وهو الإصدار الثاني عشر ضمن سلسلة “باركليز ويلث إنسايتس”، أن أصحاب الثروات الطائلة في السعودية (92%) والإمارات (91%) وقطر (89%)، هم الأكثر رغبة، بين الذين شملهم الاستطلاع، في مواصلة العمل خلال السنوات المتقدمة من العمر .
ويُظهر البحث أنه، في حين أن أصحاب الثروات في الخليج هم الأكثر حماسة للعمل في السنوات المتقدمة من العمر، يبدو أن ظاهرة “عدم التقاعد” تحظى بشعبية كبيرة حول العالم، ولكن بدرجة أقل بالنسبة للمملكة المتحدة (60%) والولايات المتحدة (54%)، حيث تظهر هذه النسب الرغبة بالاستمرار في العمل . ومن ناحية أخرى فإن سويسرا (34%)، وإسبانيا (44%)، واليابان (46%)، هم الأقل رغبة بمواصلة العمل بعد التقاعد . ويمكن تفسير ذلك، إلى حد ما، بأنه ناتج عن التفاوت في العمر، فإن 59% من أصحاب الملايين في الأسواق الناشئة تحت عمر 45 عاماً، مقارنة مع 16% في أوروبا و21% في الولايات المتحدة .
وقد تعكس رغبة الأشخاص الذين طالهم الاستطلاع من الخليج مواقف اجتماعية مختلفة لمفهوم التقاعد نفسه . فقد حظيت أوروبا بحوالي خمسة عقود أو أكثر من الوقت لتتكيف مع مفهوم التقاعد الممول في سن ال65 تقريباً . وخلافاً لذلك، فهذا المفهوم يفتقد إلى جذور قوية في منطقة الشرق الأوسط .
وقالت سهى نشأت، الرئيس التنفيذي لباركليز ويلث في الشرق الأوسط: “يعتبر هذا التوجه نحو عدم التقاعد بمثابة خطوة للتغيير بالنسبة للأثرياء . فبينما كانت الأجيال السابقة ترغب بإنشاء الثروة في وقت مبكر من العمر بهدف الاستمتاع بها عند التقاعد، فإن هذا التقرير يعكس موقفاً مختلفاً، حيث يريد الأغنياء الاستمرار في تحدي أنفسهم إلى ما بعد سن التقاعد المتعارف عليه . وفي الواقع، يفضل كثير من “اللا متقاعدين” أن يشاركوا ويأخذوا التحدي بنشاط بصرف النظر عن أعمارهم فيما يتعلق بمواصلة حياتهم العملية” .
ويبدو أن 60 في المئة من الأثرياء الذين شملهم الاستطلاع العالمي يقولون إنهم يخططون ليصبحوا “لا متقاعدين”، مبتعدين بذلك عن التقاعد التقليدي، ليختاروا الاستمرار في العمل وإنشاء الشركات وأخذ مشاريع جديدة في السنوات المتقدمة من العمر . وتُظهر النتائج بأنه من المتوقع نمو مفهوم عدم التقاعد على مدى العقود المقبلة، ويؤكد ما يزيد على70% ممن شملهم الاستطلاع، والذين تقل أعمارهم عن 45 عاماً، أنهم سيعملون دائماً بشكل ما .
ويحدد التقرير أيضاً أن أصحاب الثروات في الخليج هم الأكثر اهتماماً بشأن التخطيط للخلافة في العالم .
ويشعر حوالي 100% ممن شملهم الاستطلاع في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالمسؤولة المالية تجاه أطفالهم . فعلى سبيل المثال، أشار أغلب من شملهم الاستطلاع في دول الخليج إلى أنهم يرغبون بترك كمية كبيرة من ثرواتهم لأطفالهم بعد وفاتهم . كما ذكر هؤلاء الأثرياء أن الجيل القادم سيعيش حياة أكثر ثراء من حياتهم، وأنهم يشجعون أطفالهم لتحقيق النجاح في حياتهم .
ويبين البحث أيضاً أن هناك توجهاً في أوساط الأثرياء جداً ينطوي على الشعور بالمسؤولية المالية تجاه أطفالهم أكثر من غيرهم من المجموعات الغنية، ونلاحظ أن معظم أصحاب الثروات في قطر (94%) والإمارات (91%) يعتبرون أن انتقال ثرواتهم إلى الجيل التالي أمر مهم .
ومن جانب آخر، نجد أن الأفراد الأثرياء في اقتصادات الدول المتقدمة لا يشعرون بأنهم مسؤولون مالياً تجاه الجيل التالي بنسبة (38%) في سويسرا و(41%) في اليابان و(44%) في الولايات المتحدة ليكونوا في آخر القائمة .
ويفيد هذا الاستطلاع بزيادة الحذر من خلال ملاحظة القضايا التي يثيرها التخطيط للخلافة لدى “اللا متقاعدين” . فالواقع أن عدم التقاعد لا يزيل الحاجة إلى التخطيط للخلافة، بل في بعض الحالات قد يعززها . وتاريخياً، من المتعارف أن التقاعد هو الفترة التي يحاول الأفراد خلالها ترتيب أمورهم والتفكير ملياً بالخلافة والمسائل أخرى . والحقيقة أن عدم التقاعد قد يوفر عذراً لإبقاء مثل هذه الصعوبات من دون حل .