عمان- القدس العربي: لا تتوفر أدلة حاسمة تربط التغيير العاصف الذي حصل مؤخرا في البنك العربي أبرز مؤسسة مصرفية أردنية وعربية بالتغيير المفاجيء الذي طال الإدارة العليا في مؤسسة الضمان الإجتماعي شبه الحكومية الأردنية التي تعتبر أكبر مالك (أردني) للأسهم في البنك العربي.
إستقالة عائلة شومان الغامضة والمدوية الأسبوع الماضي أعقبتها بعد أيام معدودة تغييرات غير متوقعة ولم يسبق الحديث عنها في مؤسسة الضمان الإجتماعي التي تدير عمليا حصة كبيرة من أسهم البنك العربي تصل إلى نسبة 15% وفقا لرئيس مجلس الإدارة الجديد صبيح المصري.
المصري كان قد أبلغ محطة العربية قبل ثلاثة أيام بأن أكبر مساهمين في البنك وهما عائلة الحريري ومؤسسة الضمان الأردنية لا ينويان زيادة حصتهما في المرحلة اللاحقة.
وما حصل أن رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونه فاجأ الجميع بتغييرات مثيرة للجدل في الطاقم الذي يتولى الإدارة العليا لمؤسسة الضمان الإجتماعي فقد عينت كريمة رئيس الوزراء الأسبق ناديا عبد الرؤوف الروابده وهو أحد أصدقاء وحلفاء الطراونة في موقع المدير العام للمؤسسة بدلا من الخبير الإقتصادي معن النسور الذي يوصف بإعتباره (مناكف جدا) لخطط ومشاريع الحكومة فيما يخص إستثمار أموال الضمان الإجتماعي.
كما شملت التغيييرات منصب مدير دائرة الإستثمار في مؤسسة الضمان الإجتماعي وهو المنصب الأكثر أهمية على الإطلاق عندما عين رجل أعمال من القطاع الخاص هو هنري عزام مديرا لهذه الدائرة خلفا لمفكر إقتصادي أكاديمي معروف هو الدكتور ياسر العدوان المعروف بإنتمائه للمدرسة المحافظة في إدارة المال العام.
وتعتبر الضمان الإجتماعي المؤسسة الأردنية الأغنى ماليا والأهم إقتصاديا والأخطر أمنيا وإستراتيجيا بسبب إشرافها المباشر بعيدا عن الحكومة على مليارات الدنانير التي تشكل أموال العمال والموظفين وتعويضاتهم ورواتبهم التقاعدية.
وسبق للقرار السياسي الأردني أن إستخدم مؤسسة الضمان الإجتماعي لشراء حصة كبيرة من أسهم البنك العربي بلغت 5 % عندما طرحت عائلة الحريري مشروعا قبل عشر سنوات لنقل إدارة البنك إلى بيروت.
ومن المعروف أن مؤسسة الضمان سارعت وبمجرد الإعلان عن إستقالة عائلة شومان لتثبيت سعر إنحفاض سهم البنك العربي وعمليا إنقاذ السوق قبل عطلة عيد الفطر بيوم واحد عندما إشترت وفورا وبقرار سياسي وسيادي 100 ألف سهم دفعة واحدة بهدف منع إنخفاض قيمة السهم.
ولم تعرف بعد أبعاد وخلفيات التغيير المفاجيء في المؤسسة الرسمية الأردنية التي تملك عمليا الحصة الأكبر بعد عائلة الحريري في البنك العربي.
المديرة الجديدة ناديا الروابده تعمل منذ سنوات طويلة في المؤسسة ولا يشكك المراقبين بخبراتها الإدارية لكن بعض الأوساط تنظر للإستعانة بها والتضحية بإختيار إبنة رئيس سابق للوزراء في مرحلة حساسة على إعتبار أنه مؤشر قوي على حاجة الحكومة الملحة لأغراض غير مفهومة الأن لنصير قوي في إدارة المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي أو مدير أقل مناكفة من المدير المقال معن النسور.
والنسورعرف عنه حسب الكاتب الصحفي فهد الخيطان مقاومته لإتجاهات حكومية تسعة للإستعانة بأموال الضمان الإجتماعي ورفضه لعدة مشاريع في هذا الإتجاه, الأمر الذي لا يوجد عليه ادلة دامغة بعد.
لكن لوحظ بأن التغيير في هذه المؤسسة الشديدة الحساسية جاء خاطفا وسريعا علما بأن الطاقم المقال ممثلا بالنسور والعدوان لم يمضي الكثير على تكليفه أصلا بإدارة أموال الضمان الإجتماعي التي كانت دوما مؤسسة بطيئة جدا عندما يتعلق الأمر بتغيير مناصبها العليا.
أما رئيس جهاز الإستثمار التابع للمؤسسة وهو المسئول عن شراء الأسهم وبيعها وتوجيه أموال المؤسسة التي تدير حافظة إستثمارية بالمليارات لصالح عمال الأردن وموظفيه فهو موقع في غاية الخطورة والأهمية جلس فيه فجأة اليوم رجل أعمال من القطاع الخاص وصفه الخيطان بانه محسوب على التيار الليبرالي وجماعة الإقتصاد الحر في مؤشر يثير القلق والتساؤلات.
ومن المنطقي القول بأن خيارات الحكومة الكلاسيكية ينبغي أن تركز على رسائل محافظة في الإقتصاد للرأي العام لكن إختيار موظفية غير مناكفة في إدارة المؤسسة مع مدير إستثمار ينتمي للقطاع الخاص بدلا من عالم إقتصاد محافظ هو الدكتور ياسر العدوان (خبر) مثير جدا وبإمتياز يزيد من شهية التحليل والترقب خصوصا وأنه يطال مؤسسة تعتبر ثاني أكبر مساهم في البنك العربي.
وقد ألمح الكاتب الخيطان إلى أقاويل وتسريبات في السوق تشير لإن التغيير في مؤسسة الضمان الإجتماعي له علاقة بصفقات مصرفية محتملة مع مجموعة إستثمار خليجية كبيرة لكنه لم يضع أي تفاصيل تكفي القاريء أو توضح له الملابسات.
لكن ما لا يمكن إخفائه بوضوح اليوم أن الحكومة الأردنية قررت على نحو مفاجيء تغييرات (غير متوقعة) في هرم مؤسسة سيادية حيوية ومهمة تملك حصة الأردن في البنك العربي بعد أيام فقط من تغيير عاصف شهده هذا البنك وقيام المؤسسة التي تغير طاقمها أمس في الحفاظ على سوق الأسهم لصالح البنك العربي بعد إنسحاب عائلة شومان.
بلغة بعض خبراء الإقتصاد لا يمكن تجاهل هذا الرابط بين الحدثين زمنيا وفنيا, ولا يمكن في الوقت ذاته الإكتفاء بالعبارات الكلاسيكية التي يقولها رئيس الوزراء وهو يقرر تغييرات في مناصب حساسة جدا على نحو مفاجيء مجازفا بطرح الكثير من التساؤلات في زمن الربيع العربي والحراك الأردني وبصناعة أسباب جديدة لزيادة رقعة (السخط الشعبي) على حكومته.