قال أحد الكتاب اليمنيين إن اليمن والسعودية قادمتان, لا محالة, على أزمات عاصفة لأسباب موضوعية ومخاطر ستلحق بهما, إما من خارجهما أو من داخلهما، مع أفق العقود القادمة، داعيا إلى إقامة وحدة بين البلدين العربيين؛ لتوحيد القرار السياسي والاتجاه الآمن لهما وللجزيرة العربية في مواجهة إيران.
وحذّر حسن الأشموري في الجزء الأول من مقاله "الحل: وحدة سعودية يمانية" من أن "اليمن والسعودية إذا كانا هما قاعدة وجناحي الجزيرة العربية فإن بقائهما على هذا المسار من التذمر المشترك من بعض في التعامل البيني مدمر وخطر على بعضهما", مشيرا إلى أن "أحد البلدين ربما يسقط", ما يعني أن البلد الآخر "سيتحمّل تدحرج السقوط إليه ثم يسقط هو أيضا بفعل ارتطام الذي سقط أولا".
وأضاف متسائلا: "ما الذي يمنع قيام وحدة على غرار وحدة مصر والسودان في العهد الملكي المصري أو فكرة تكامل وادي النيل في عهد السادات ونميري وبديمومة أبدية، خصوصا والتداخل السعودي اليمني الاجتماعي والسياسي لا تخطئه عين؟, ثم أن سياسات السعودية عن الوقاية من شر قادم من الجنوب في العقود الماضية لم تفلح في خدمة أحد، فلماذا لا نرحل إلى أية وحدة وتحت أية خيمة؟".
وأكد الأشموري أن "اليمن مشكلة للسعودية، ضعيفا وقويا، والسعودية مشكلة لليمن؛ لأن النوايا التاريخية كانت خاطئة وهذه المشكلة ما نامت يوما ولن تذهب إلى النعاس، ومن قال عكس ذلك اتكأ على رمل تذروه الرياح", لافتا إلى أن "الأوضاع الإقليمية اليوم تتغير سريعا في ظل تقدم إيران إلى الأمام.. ما يعني أن القفز على الحاجز النفسي في السعودية واليمن نحو وحدة اندماجية أو وحدة بنظامين سيجعل منها قوة إقليمية كبرى تلغي المخاطر وتقضي على المخاوف".
وأثار الكاتب عددا من التساؤلات لعل أهمها ما إذا كانت الدعوة إلى هذه الوحدة تخريفا, أم أنها قول "لا يهضمه واقع نظامي البلدين، ملكية وجمهورية", إلا أنه أكد أن أرومة "الشعبين واحدة"، إذ أن "أكثر من نصف مكون السعودية قبائل قحطانية يمانية عربية والعدنانية نشأت في حاضنة قحطانية".
كما تساءل عن جدوى البحث عن وحدة سعودية يمنية "وقد فشلت السعودية في أن تبتكر وحدة اندماجية مع دول الخليج الخمس، لمدة أكثر من عشرين عاما منذ تأسيس المجلس الخليجي".
وذهب الكاتب إلى القول إن "السعودية لن تستطيع مواجهة إيران أو غيرها من الكبار, إذا ما غابت أميركا وأوروبا, بدون اليمن", مشيرا إلى أن طهران فطنت لذلك "فكان الحوثيون، وكان ما حدث وسيحدث", مشددا على أن مواجهة إيران وصد طوفانها القادم لن يكون "إلا بجسم واحد", أي الوحدة بين صنعاء والرياض.
نص المقال
الحل: وحدة سعودية يمانية (1)
في التاريخ موقف الشخصية اليمانية واضح، لم نكن نحن اليمانيون في يوما ما توسعيين بل أننا نلاقي صعوبة في الحفاظ على حدودنا وعلى وحدتنا الداخلية، وأمام هذه الحقيقة التاريخية للشخصية اليمانية، لا أدري لماذا فشل الملك العربي الفذ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود- مؤسس المملكة الحديثة, في توحيد القطر اليماني مع السعودية حيث قدسية الأمكنة ورفات المصطفى وأصحابه المنتجبين الأخيار، رغم تحالفه مع الانكليز ومعرفته بكراهية الشعب اليماني للأئمة الزيديين وإطلاعه على ضعف الحكم الزيدي الذي كان يتحكم بهم ولا يحكمهم.
وهناك فرق بين الحُكم والتحكم، فضلا عن فهم عبد العزيز الواثق لتذمر اليمانيين من الأئمة، خصوصا بعد أن وصلت خيول ونوق ابنه فيصل إلى الحديدة وكأنهن وكأنهم كانوا في رحلة مرعى على طول ساحل تهامة وحتى الحديدة رغم أنها حرب 1934، وأغلب الظن أن عبد العزيز استصعب وهاب من اليمن الجبلي واليمانيين القبائل وآثر عدم التورط، وهناك رواية تدفع بهذا الاتجاه نقلها الوزير غازي القصيبي عن والده عبد الرحمن أحد مستشاري الملك عبد العزيز، مهما يكون السبب لدى عبد العزيز فإن الأمر عبثي مناقشته الآن.
لكن المؤكد أن اليمن والسعودية قادمان على أزمات عاصفة لأسباب موضوعية ومخاطر ستلحق لا محالة بالبلدين إما من خارجهما أو من داخلهما، مع أفق العقود القادمة، وهو ما يُلزم التفكير في وحدة سعودية يمانية إذا لم تكن اندماجية فمن أي نوع تكفي؛ ليتحد القرار السياسي والاتجاه الآمن للبلدين وللجزيرة العربية، فاليمن والسعودية إذا كانا هما قاعدة وجناحي الجزيرة العربية فإن بقائهما على هذا المسار من التذمر المشترك من بعض في التعامل البيني مدمر وخطر على بعضهما، فأحد البلدين ربما يسقط وسيتحمل الآخر تدحرج السقوط إليه ثم يسقط هو أيضا بفعل ارتطام الذي سقط أولا.
فما الذي يمنع قيام وحدة على غرار وحدة مصر والسودان في العهد الملكي المصري أو فكرة تكامل وادي النيل في عهد السادات ونميري وبديمومة أبدية، خصوصا والتداخل السعودي اليمني الاجتماعي والسياسي لا تخطئه عين, ثم أن سياسات السعودية عن الوقاية من شر قادم من الجنوب في العقود الماضية لم تفلح في خدمة أحد، فلماذا لا نرحل إلى أية وحدة وتحت أية خيمة. بالتأكيد اليمن مشكلة للسعودية، ضعيفا وقويا، والسعودية مشكلة لليمن؛ لأن النوايا التاريخية كانت خاطئة, وهذه المشكلة ما نامت يوما ولن تذهب إلى النعاس، ومن قال عكس ذلك اتكأ على رمل تذروه الرياح، واليوم الأوضاع الإقليمية تتغير سريعا في ظل تقدم إيران إلى الأمام وصعود الهند إلى مصاف الدول الكبرى، قد يقول قائل وما دخل المملكة بالهند؟, وبنظرة إلى باكستان والهند ستستوعب أن المملكة لن تغيب عن أي صراع هندي باكستاني وستجر إليه جرا.
وهو ما يعني أن القفز على الحاجز النفسي في السعودية واليمن نحو وحدة اندماجية أو وحدة بنظامين سيجعل منها قوة إقليمية كبرى تلغي المخاطر وتقضي على المخاوف، وما دام اليمن والسعودية يشكوان من التشتت العربي والتمزق، فلماذا لا نبدأ بوحدة سعودية يمانية، لكن هل هذا تخريف!!
أهو قول لا يهضمه واقع نظامي البلدين، ملكية وجمهورية، دعك من الشعبين، أرومتهما واحدة، أكثر من نصف مكون السعودية قبائل قحطانية يمانية عربية والعدنانية نشأت في حاضنة قحطانية، لكن لم البحث عن وحدة سعودية وقد فشلت السعودية في أن تبتكر وحدة اندماجية مع دول الخليج الخمس، لمدة أكثر من عشرين عاما منذ تأسيس المجلس الخليجي، الذي امتسخ إلى ملتقى قيادي يتصور القادة فيه طيلة يوم الاجتماع، مما سمح بسيطرة متقطعة من الخلافات بين قادة ودول المجلس، في صراع لم يخمد على الزعامة والخوف من مكر الواحد بالبعض أو البعض بالواحد داخل المجلس التعاوني فليس هناك كبير في المجلس، قوة الثراء المتساوية بين دولة أخضعت القوة الجغرافية والبشرية لقوى شبة متوازية ومتساوية بين دوله خصوصا مع وجود الجيل الثاني من القادة الخليجيين الأقل وفاء والأكثر قلقا من آبائهم.
وزاد على ذلك ترابط علاقتهم جمعيا بثكنة الحماية لكل عواصم دول الخليج العربي، ثكنة الولايات المتحدة وأوروبا، الموزعتين لحصص قوة أشخاص المجلس في مواجهة بعض وتجاه الآخر، بحيث لا تستطيع أن تتبين فرق كتلة أشخاص قوة الرياض على ضخامتها عن كتلة أشخاص قوة الدوحة أو قوة أبو ظبي، رغم الفارق العملي والواقعي والجغرافي والبشري الجلي بين السعودية والإمارات أو السعودية وقطر، إلا أنهما يتساويان في فيزياء قوة الفعل السياسي على صعيد منفصل أو جماعي, فكل واحد لديه سلاح البرميل والخزنة والبنك المركزي لشراء النفوذ من واشنطن وأوروبا, التجار الموزعين والمتحكمين في عطايا القوة لهذا أو ذاك داخل المجلس، والفرق فقط أن القادة الخليجيين ينصتون للسعودية لكن لا يعني هذا الإنصات أنهم يسمعون لها.
ولهذا فإن أكبر تأثير للسعودية ليس على دول المجلس التعاوني ولكن على اليمن، سواء تحفظنا على ذلك في اليمن أو انسجمنا معه، أرغبته الرياض أو أُجبرت عليه أمنيا، فما المانع من التقدم إلى ما هو أبعد من التأثير، الوحدة من أي نوع، فنحن وهم متورطون ببعض ولن تنتهي الورطة ولا فكاك منها، ولا يمكن للسعودية واليمن أن يخدعا نفسيهما بقول وقانا الله اليمن ووقانا الله السعودية، الأمر يتطلب أكثر من ذلك، ووحدة من أي نوع، حل كوني لمشاكل وأزمات إستراتيجية ستؤثران في منظومة اليمن ومنظومة السعودية.
ولن تؤدي المعالجات السعودية السلبية أو الإيجابية نحو اليمن لحلول دائمة، كما أن الإجابة ليست بناء عوزال بشرية داخل اليمن أو في داخل حدودها لحمايتها، أو أن تبني المملكة في صمت جدارا عازلا بيننا وبينها لأنها ستتحول إلى غيتو، وليست الإجراءات الأمنية وغيرها من التكتيكات إجابة مثلى، بحيث تظن المملكة أنها قادرة بشكل فعال على ضبط الحدود، بل سيفضي كل ذلك إلى حصار تفرضه المملكة على نفسها منا وبنا بجدار وبدون جدار، ثم ليس من المعقول أن تحاصر السعودية نفسها باليمن والخطر الأكبر عليها وعلى اليمن قادم من مياهها الشرقية، فالخطورة كانت دائما كامنة في النيات والإرادات وإيران من يمثل ذلك الآن.
ولن تستطيع السعودية مواجهة إيران أو غيرها من الكبار إذا ما غابت أميركا وأوروبا بدون اليمن ظهرها وقاعدة الارتكاز، وهو ما فطنت له إيران فكان الحوثيون، وكان ما حدث وسيحدث، والأمر لن ينتهي عند القبول بالنقاط الست فالطوفان قادم تحت قُبعة النقاط الست كلنا يعرف ذلك ونستشعره، ولصد الطوفان يكون الثبات بجسم واحد، وطالما بقيت السعودية واليمن جسمين لا يعالجان بعض بالتلاحم الوحدوي فإن الدود سينخرهما، وما أكثر انتشار الدود هنا وهناك. وللحديث بقية إن شاء الله.