و تأبى الكلمات أن تبقى حبيسة صدري .. تريد الإفصاح عمّا جرى و يجري .. رغما عنّي تريد الإنطلاق .. لتملأ الآفاق حبّا و إشتياق .. لتملأه نورا و إشراق تريد الوصول إلى كلّ قلب حزين لتخلّصه من قيد السّنين، من ألم الأنين .. تريد الوصول إليه لتبعث فيه الحنين فيحلّق عاليّا في دنيا اليقين و يعانق نور الله المبين
أذكر أنّني كنت تائهة في طيّ السّنين .. كنت مقيّدة بقيد متين .. في لحظة ضعف مضت أظلمت فيها عيناي و تعثّرت قدماي، كان القلب غافلا و العقل شاردا، و الرّوح في صراع و النّفس في ضياع، و بين هذا و ذاك عبثت بيّ اللّحظات، لهت بيّ الثّواني و الدّقائق و السّاعات و جميع الأوقات و رمتني في بحر المنكرات، و لمّا عظُم ذنبي، و أظلم دربي، وقفت حائرة تساءلت إلى أين أنا سائرة؟؟؟ شيطاني إلى الذّنوب و الآثام يدعوني، و نفسي إلى اللّهو و العبث تدفعني، و هواي هو الآخر إلى ميله يشدّني .. شعرت بدوار كبير من أطيع و لمن أسمع؟؟؟
الضّعف يتملّكني، و الخوف يحتويني، نظرت حولي في ذهول تساءلت من أنا؟ من أكون؟ أين إيماني؟ أين قوّتي و حصانتي؟
و أنا أعلم علم اليقين أنّني إن أطعت الشّيطان كان مآلي الخسران، و إن لبّيت نداء نفسي و هواي خسرت دنياي و أخراي.
فالشّيطان بوساوسه الماكرة و ألاعيبه السّاحرة يريد إخراجي من حياتي الطّاهرة و إدخالي في الظّلمة الفاجرة.
و النّفس تريدني أن أتخلّى عن مبادئي و أخلاقي، عن كرامتي و حيائي، أن أستسلم لغفلتي، أن أدنّس عفّتي و طهارتي.
و الهوى يريدني أن أنزع رداء الإحتشام، و أرتدي لباس اللّئام، أن أجري وراء سراب لأجني بعد ذلك الخراب و أعيش طول العمر في عذاب .. و لمّا حاصرتني الأشياء، و احتوتني الأهواء، و أحاطت بيّ الظّلماء، عدتُ إلى ذاتي أبحث عن شيئ يزيد في ثباتي يخلّصني من آهاتي و حسراتي، و ينشر بدربي البسمات و يبدّد عنّي الظّلمات. فأحسست بقوّة خفيّة تسري في داخلي، على الصّمود تحثّني، إلى التّحدّي تدفعني، و إلى الأمل البعيد تأخذني ... عندها عرفت أنّي في صراع في زمن الضّياع .. و تلاشت حيرتي لمّا أبصرت طريق عودتي، و واصلت مسيرتي بعدما جدّدت توبتي، و عادت إليّ بسمتي بعدما جعلت رضى الله غايتي، و الوصول إليه أمنيتي، و غمرني النّور الّذي ملأ نفسي سرورا و تفتّحت بساتين قلبي بالزّهور، و حلّقت بروحي في الفضاء مع الطّيور.
فالسّعادة كلّ السّعادة في مَن جاهد نفسه و عبد ربّه و اتّخذ القرآن ضياء دربه
فإلى النّــــــــــور يا أهل النّــــــــور
مــــــــــــــودّتي