خولة بنت ثعلبة
خولة بنت ثعلبة ويقال خويلة. وخولة أكثر وقيل خولة بنت حكيم وقيل خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة
أهم ملامح شخصيتها:
1- التقوى والخوف من الله والبحث والتحري عن الأحكام الشرعية ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعه.
ففي ذات يوم حدث حادث بين الزوجين السعيدين، شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه، فقال لها أوس "أنت علي كظهر أمي!...فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغه، ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه،وبذلك القسم،يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا الذين كانا ينعمان بهما..
وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد التفكير العميق الذي دار في رأس خوله، قررت أن تذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف لا وهي تعيش في مدينته، وهي قريبه منه وبجواره. وعندما ذهبت إليه وروت المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دوما في السابق، ويلتم شمل الأسرة السعيدة..
2-الجرأة في الحق ونري ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب:
فقد خرج عمر ( رضي الله عنه ) من المسجد ومعه الجارود العبدي فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق فسلم عليها عمر فردت عليه السلام وقالت هيهات يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميرا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين فاتق الله في الرعية واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد. ومن خاف الموت خشي عليه الفوت.
فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين. فقال عمر: دعها أما تعرفها فهذه خولة بنت حكيم امرأة أوس بن الصامت التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فعمر والله أحق أن يسمع لها. (1)
3-بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها، وتبين ذلك من خلال موقفها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها، وتبيينها سلبيات هذا التفريق على الأولاد والبيت.
من مواقفها مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
لخولة بنت ثعلبة ( رضي الله عنها ) حوار قد تجلي فيه قمة التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمراقبة والخوف من الله عز وجل ؛ وهو ما كان يهدف الوصول إليه (رسول الله ( صلي الله عليه وسلم). وهو حوار الظهار.
عن خويلة بنت ثعلبة قالت: في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت: كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه قالت: فدخل عليَّ يوما فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي قالت: قلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه قالت: فواثبني فامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابا ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه قالت: فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: [يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه].
قالت: فو الله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن فتغشى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما كان يتغشاه ثم سري عنه فقال لي: [يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا ـ ثم قرأ علي "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" {من سورة المجادلة} قالت: فقال لي رسول الله {صلى الله عليه وسلم } مريه فليعتق رقبة [ قالت: فقلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق قال: فليصم شهرين متتابعين، قالت: فقلت والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، قالت: فقلت والله يا رسول الله ما ذاك عنده قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنا سنعينه بعرق من تمر، قالت: فقلت يا رسول الله وأنا سأعينه بعرق آخر، قال: قد أصبتِ وأحسنتِ، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا قالت: ففعلت.(2)
ونخرج من قصة تلك الصحابية المباركة بعدة فوائد منها:
أولاً: رأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال: أنت علي كظهر أمي؛ وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية..
ثانيا: رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها.. يتجلى ذلك في قولها: إن أوْسا ظَاهَرَ مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه، وقدمت صحبته.
ثالثا: رأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي والذي بيده الأمر..
ولولا رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات جميعا إلى يوم القيامة. وهذا التشريع العظيم هو: حل مشكلة الظهار..
ومن كلماتها يوم اليرموك:
وقد استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس يضربنهم بالخشب والحجارة وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول...
يا هاربا عن نسوة تقيات...
فعن قليل ما ترى سبيات...
ولا حصيات ولا رضيات.(3)
المصادر:
1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 591 ]
2- تفسير ابن كثير [ جزء 4 - صفحة 408 ]
3- البداية والنهاية [ جزء 7 - صفحة 11 ]